الجريدة العربية – بوحافة العرابي *
يشكل مشروع القانون رقم 38.24، الذي يهدف إلى الموافقة على الاعتراف المتبادل برخص السياقة بين المغرب وإيطاليا، خطوة أساسية نحو تحسين أوضاع المهاجرين المغاربة المقيمين في إيطاليا. ورغم توقيع الاتفاقية في روما بتاريخ 27 مارس 2024، إلا أن تأخر الحكومة المغربية في إصدار القانون بالجريدة الرسمية أصبح يشكل مصدر قلق كبير للمغاربة المقيمين بالخارج، الذين يعانون من تداعيات مباشرة لعدم تفعيل هذا المشروع.
التأخير الذي يضاعف المعاناة
تأخر إصدار قانون الاعتراف المتبادل برخص السياقة يلقي بظلاله على حياة المهاجرين المغاربة، حيث يحرمهم من إمكانية تحويل رخص القيادة المغربية إلى الإيطالية بسهولة. ونتيجة لذلك، يجد الآلاف من المغاربة أنفسهم غير قادرين على قيادة السيارات في إيطاليا، مما ينعكس سلبًا على قدرتهم على العمل، التنقل، وتلبية احتياجات أسرهم.
ويؤثر هذا التأخير أيضًا على القطاعات التي تعتمد بشكل كبير على التنقل، مثل خدمات التوصيل والنقل والشحن، وهي فرص عمل تعتمد عليها فئة كبيرة من المهاجرين. بحيث أن حرمان هؤلاء الأشخاص من هذه الفرص بسبب عدم توفر رخص قيادة معترف بها، يعمق الفجوة الاقتصادية والاجتماعية بينهم وبين باقي أفراد المجتمع الإيطالي ،
التأثير على الأسر المغربية المهاجرة
عدم القدرة على القيادة في بلد أوروبي كإيطاليا يعني صعوبات يومية للمهاجر المغربي وأسرته. فمن التنقل إلى العمل، إلى إيصال الأبناء للمدارس أو المستشفيات، تصبح جميع هذه الأنشطة عبئًا إضافيًا يُثقل كاهل الأسر المهاجرة. هذا الواقع لا يؤدي فقط إلى تقييد الحركة، بل ينعكس أيضًا على الحالة النفسية للمهاجر الذي يجد نفسه عاجزًا عن توفير حياة كريمة لعائلته في بلاد المهجر. و أحيانا كثيرة يخلق مشاكل أسرية خطيرة ، قد ذهب بعضها إلى الطلاق بسبب العجز الذي يقف أمامه المعيل في تلبية حاجات أسرته .
الحاجة إلى التحرك العاجل
إصدار قانون الاعتراف المتبادل برخص السياقة ليس مجرد إجراء قانوني عادي، بل هو استجابة لحاجة ملحة وضرورية لمجتمع المهاجرين. هؤلاء المواطنون يمثلون جسرًا بين المغرب ودول المهجر، وهم جزء من الاقتصاد الوطني عبر تحويلاتهم المالية ودورهم في تعزيز صورة المغرب بالخارج. ومع ذلك، فإن تجاهل قضاياهم، خاصة عندما تكون الحلول واضحة ومباشرة، لا يخدم مصالح الدولة ولا ينسجم مع توجيهات جلالة الملك محمد السادس، الذي طالما دعا إلى إعطاء الأولوية لشؤون المغاربة المقيمين بالخارج.
دعوة الحكومة والبرلمان للعمل الفوري
جراء هذا المأزق العويص ، ذهب مجموعة أفراد وفعاليات المجتمع المدني على رأسهم السيد الحسين فتيح ، الناطق الرسمي بإسم الإئتلاف الجمعوي بإيطاليا ، و السيد عبد اللطيف المستار ، رئيس الشبكة الجمعوية الإيطالية المغربية للحقوق و التعاون الدولي ، و غيرهم من الناشطين و الناشطات في الحقل المدني، لمناشدة الحكومة المغربية والبرلمان المغربي بالإسراع في إصدار القانون بالجريدة الرسمية دون تأخير إضافي. فالتأخير المستمر لا يضر فقط بالمهاجرين، بل يعكس صورة سلبية عن مدى التزام الحكومة بمعالجة قضايا مواطنيها بالخارج، في ظل الرعاية السامية لصاحب الجلالة لكل ملفات المهاجرين .
إن الاعتراف المتبادل برخص السياقة بين المغرب وإيطاليا سيكون بمثابة حل عملي لمشاكل يومية تواجه آلاف الأسر المغربية المهاجرة، وسيعزز من ارتباط المهاجرين بوطنهم الأم.
و من منبر الجريدة العربية وجهت فعاليات المجتمع المدني ندائها للحكومة المغربية والبرلمان ، و لسان الحال يقول : ” تحركوا بسرعة قبل أن تضيع أحلام آلاف المهاجرين وأسرهم. لا تدعوا الروتين الإداري يقف عائقًا أمام تحسين حياة المغاربة في الخارج. الوقت يمضي، وحياة آلاف العائلات على المحك، فكونوا عند مستوى المسؤولية، وحققوا العدالة الاجتماعية لهذه الفئة التي تمثل ركنًا أساسيًا من هوية المملكة المغربية ” .
رسالة أخيرة لمن يهمه الأمر :
إن تفعيل هذا المشروع يتجاوز كونه التزامًا قانونيًا ليصبح واجبًا أخلاقيًا تجاه أبناء الوطن الذين يحملون المغرب في قلوبهم رغم ظروف الغربة. إنهم يستحقون حلولًا تضمن لهم الاستقرار، وتحسين ظروفهم، وتُسهم في استدامة العلاقة الإيجابية بين المهاجر ووطنه الأم.
إن تفعيل هذا القانون هو أكثر من مجرد قرار إداري، فهو التزام أخلاقي . فلا مجال للتأخير أو التسويف، فالمهاجرون المغاربة في إيطاليا يستحقون الدعم والحلول التي تحسن من حياتهم وتسهم في استقرار أسرهم.