الجريدة العربية – محمد الحجوي
تقف الساكنة المتضررة من دوار لَبَانْكَة، التابع لجماعة قلعة السراغنة، أمام مقر العمالة في ساحة المدينة، حاملةً بين طيات صبرها المرير قصصاً يومية من المعاناة بسبب انقطاع المياه المتكرر. الأسر، وخاصة النساء والأطفال، يعيشون على وقع أزمة إنسانية تهدد أبسط مقومات الحياة، حيث يُجبرون على قطع مسافات طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة أو في ظلام الليل بحثاً عن نقطة ماء تروي عطشهم. المشكل لم يعد مجرد “انقطاع عابر”، بل تحوّل إلى معاناة هيكلية تُنذر بكارثة صحية واجتماعية إذا استمرّ الإهمال.
رغم التظلمات المتكررة والشكاوى المرفوعة إلى المسؤولين المحليين، تبقى الوعود حبيسة الأدراج، بينما تتفاقم الأزمة. الساكنة تُحمّل الجهات المعنية، خاصة المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، تقصيراً فادحاً في إيجاد حلول جذرية. فشبكة التوزيع العشوائية والتجهيزات القديمة، إضافة إلى نقص الصيانة، جعلت انقطاع الماء “عادة أسبوعية” تزيد من إرهاق الأهالي، الذين يُضطرون لشراء الماء من الصهاريج بأسعار باهظة تُثقل كاهل الأسر الفقيرة.
“نعيش كالبهائم، بلا ماء ولا كرامة”، بهذه الكلمات الموجعة تلخص إحدى السيدات واقع الحال. اليوم ، حيث تُعتبر المياه حقاً وليس رفاهية ، لا يزال أبناء لَبَانْكَة يعانون من إهدار هذا الحق الأساسي. المتظاهرون يطالبون بتدخل عاجل لـ :
. إصلاح البنية التحتية المتدهورة لشبكة المياه.
. توفير صهاريج ماء مؤقتة خلال فترة الإصلاحات.
. فتح تحقيق شفاف حول أسباب الأزمة والمتقصين عنها.
هل من مجيب؟
الصبر ينفد، والغضب الشعبي يتصاعد، والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: هل تحتاج السلطات إلى كارثة إنسانية كي تتحرك؟ أم أن صوت الفقراء لن يصل أبداً إلى أروقة المسؤولين؟ ساكنة لَبَانْكَة تنتظر جواباً عملياً، لأن الماء ليس رفاهية، بل هو الحياة ذاتها.
وفي ظل صمت السلطات، تتحول حياة أهالي لَبَانْكَة إلى رحلة يومية من العطش والإرهاق. فما قيمة التنمية إذا لم تصل إلى أبسط حقوق الإنسان؟ وما معنى الوعود إذا ظلت الأسر تعاني في صمت؟ الماء ليس سائلاً في الأنابيب فقط، بل هو كرامة، وهو حق، وهو اختبار حقيقي لضمير المسؤولين.
اليوم، تقف قلعة السراغنة على مفترق طرق: إما أن تتحول إلى نموذج للإهمال والنسيان، أو أن تصبح مثالاً للاستجابة السريعة والعدالة الاجتماعية. الساكنة لم تعد تطلب سوى قطرة ماء، فهل يُعقل أن يظل هذا الطلب حبراً على ورق؟
“فمن يعطي الماء يروي الحياة، ومن يمنعه يقتل الأمل”.