دور الأغلبية في نجاح العمل الجماعي .

الجريدة العربية – هشام مداحي

في ظل العمل السياسي والجماعي، يظهر بين الحين والآخر أصوات تتهم المعارضة بعرقلة السير السليم للمجالس المنتخبة وتحملها المسؤولية عن الفشل في تنفيذ البرامج والسياسات. إلا أن هذا الاتهام لا يتوافق مع الواقع ولا مع أسس العمل الديمقراطي الصحيح. فالفرق الجوهري بين الأغلبية والمعارضة يتجلى في الأدوار والمسؤوليات التي يتحملها كل منهما، وهو ما يحدد مدى تأثيرهما في الحياة السياسية.

الأغلبية، كونها الطرف الذي يمتلك العدد الأكبر من الأعضاء في المجلس، تتحمل مسؤولية كبرى في تسيير العمل وتنفيذ البرامج والسياسات. إن قوة الأغلبية تكمن في قدرتها على اتخاذ القرارات والمضي قدمًا في تنفيذها. ومن غير المقبول أن تُلقي الأغلبية بفشلها على المعارضة، التي يكون دورها مراقبًا ومقترحًا وليس معرقلًا.

المعارضة، بطبيعتها، لا تقرر ولا تنفذ، بل تراقب وتنبه وتقترح. وجود المعارضة ضروري لضمان الشفافية والمساءلة، فهي العين الساهرة التي تراقب أداء الأغلبية وتقترح تحسينات بديلة. إن اتهام المعارضة بعرقلة العمل يعكس فهمًا خاطئًا لدورها الحقيقي، ويبعد الأنظار عن الأسباب الفعلية للفشل.

إن العمل السياسي، خاصة في المجالس المنتخبة، يتطلب تحمل المسؤولية من قبل الأغلبية. المسؤولية تعني تنفيذ البرامج التي اقترحتها الأغلبية والعمل على تحقيق الأهداف المعلنة في برنامج عمل الجماعة. ومن ثم، فإن المحاسبة تقع على عاتق الأغلبية، كونها الجهة المنفذة والتي تمتلك القدرة على اتخاذ القرارات.

لا تقتصر خدمة المواطنين على الدورات والاجتماعات الرسمية فحسب، بل تتجلى في العمل اليومي والحضور الميداني ومتابعة تقديم الخدمات للسكان. إن تحميل المعارضة المسؤولية عن أي تقصير في هذا الجانب هو محاولة لتبرير الفشل وتجنب المحاسبة الحقيقية. الأغلبية هي التي تتحمل مسؤولية تحقيق النتائج وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين.

إن تحميل المعارضة المسؤولية عن الفشل يعكس نقصا في الشفافية والإنصاف. فالعمل الجماعي يتطلب تعاونا بين جميع الأطراف، واحتراما للأدوار المختلفة التي يقوم بها كل طرف. إن تحميل المسؤولية بشكل عادل وموضوعي هو السبيل الوحيد لتحقيق نتائج إيجابية وتحسين الأداء العام.

إن الديمقراطية الحقة تقوم على توازن الأدوار وتحمل المسؤولية بشجاعة. الأغلبية، بحكم دورها التنفيذي، مطالبة بتحمل مسؤولية قراراتها وبرامجها، دون محاولة تحميل المعارضة ما لا تملكه من سلطة تنفيذية. فالنجاح في العمل الجماعي يتطلب الاعتراف بالأدوار المختلفة لكل طرف والعمل بشفافية وإنصاف لتحقيق المصلحة العامة وخدمة المواطنين بأفضل وجه.

Exit mobile version