الجريدة العربية – من إعداد :طاقم الوطن بريس
كثيرا ما يتحدث المواطن البوجدوري عن التنمية داخل الإقليم، و ذلك مند تعين أول عامل تحت خيمة باعتبار الإقليم حديث النشئة , وبالضبط خلال السبعينيات عندما كان عبارة عن فنارة خلفها من وراءه المستعمر الاسباني ، كان دورها هداية السفن لسواحل المدينة , إلى جانب بعض الخيام الخاصة بالرحل والتي كانت تغير مكانها لكون ملاك الإبل كانوا مرتبطين بالسماء وليس بالأرض , بحثا عن نقط الماء والكلأ الذي تخلفه التساقطات المطرية ، خصوصا بمنطقة اجريفية وامريكلي المعروفة بخصوبتها أو بعض النشاطات البسيطة .
وعندما بسطت المملكة المغربية يدها على صحرائها , ورفرف العلم الوطني فوق أراضيها ، بدء التفكير في خلق نواة اقتصادية وسياسية استهلها المغفور له الملك الحسن الثاني ، بتعين أول عامل على الإقليم وهو “بوشعيب الزقوري” أو الزغوري كما يحلو للساكنة أن تسميته . وكان التنصيب تحث خيمة من الشعر , بنيت على الأرض التي تتواجد عليها المنطقة الأمنية الآن , باعتبار أن المستعمر لم يخلف بنيات تحتية أو مباني عمومية , لكون عقليته تروم صوب الاستنزاف وليس التعمير , ليعقبه عديد من العمال وهم “الشريف الدليمي” و “عبد الله الخطاط” و”رشيد الدويهي” .
وبما أن المملكة المغربية بادرت إلى الرفع من المستوى الاقتصادي والسياسي ، فقد عملت على خلق مجالس منتخبة استهلت بخلق مجلس بلدي من أجل المساهمة في خلق تنمية محلية , والتعبير عن الديمقراطية في تنمية المجال الإقليمي وخدمة المواطن ، الذي لم يكن يعرف سوى الثكنات العسكرية وصوت قذائف الهاون أو الرشاش الصادر عن عصابة مرتزقة البوليزاريو , باعتبارها دخيلا مدفوعا من جهات أجنبية تحاول تغير التاريخ , وطمس المعالم على الأرض .
هذا ويعتبر موضوع التنمية من بين المواضيع الأكثر أهمية , نتيجة تزايد الاهتمام به في مختلف الدول ، و لكونه نشاطا يهدف لإحداث الانتقال نحو الأفضل ، بحيث لم يعد هذا المفهوم يقتصر على مجال واحد ، فهو من بين أوجه التنمية المحلية , خاصة ما تعلق منها بمشاركة المواطن في هذه التنمية عن طريق ممثليه في المجالس المحلية المنتخبة ، لأن هذه العملية تتطلب كوادر بشرية قادرة على القيام بالمهام المطلوبة منها بالتزام نابع من الذات ، وهو الأمر الذي يجعل من الفرد العنصر الأساسي في عملية التنمية .
و تعـد المجـالس المحليـة المنتخبـة مـن أهـم الآليـات ، التـي تتجسـد مـن خلالهـا مشـاركة أفـراد المجتمع المحلي في مختلف الأعمال والمشاريع التنموية , وذلـك لأن الأفـراد المحليـين , هم الأكثر دراية بمشاكل ومتطلبات وخصائص منطقتهم . وعليه يستحيل الحديث عن التنمية المحلية دون الرجوع إلى الدور الذي تؤديه المجالس المحلية المنتخبة في جميع المجالات . إلا أن هذه المجالس تواجه جملة من العراقيل كانعدام التمويل المحلي الذاتي ، خاصة أن التمويل المحلي من الضروريات اللازمة والأساسية لقيام التنمية المحلية ، و عراقيل أخرى وهو الأمر الذي يتطلب تفعيل أليات لتحسين أدائها و انعكاسه إيجابا على مسألة التنمية المحلية .
و برجوعنا للتنمية التي شهدها إقليم بوجدور ، سيكون الحديث عن عامل الإقليم الذي بدأت معه النواة الأولى , وهو السيد “فيصل المزياني” , الذي رسم التخطيط الأولي للمدينة . حيث كانت بدايتها بإنشاء الساحة الكبرى وبعض المرافق التي أعطت جمالية ورونقا لمدينة التحدي . ليخلفه بعد ذلك , كل من العامل “نور الدين الهبيل” , والعامل “الناجم ابهي” الذي كانت له صراعات مع رئيس المجلس البلدي عبد العزيز أبا . و نصب بعدها العامل “العربي التويجر” الذي حاول – حتى لا نبخس الناس حقهم -قدر المستطاع الرفع من وثيرة التنمية رغم بعض النواقص في التسيير . ليتسلم بعدهم السيد “ابراهيم بن ابراهيم” الذي تشرفت بلقائه عند تعينه سنة 2017 حيث عبر عن رغبة جامحة في الرقي بالمدينة , حتى تكون في مصاف المدن الكبرى أو بالأحرى في مصاف المدن المجاورة .
وبالنسبة للعامل التويجر كما أشرنا فقد عرفت حقبته الإرهاصات الأولى لبروز مشاريع شهدت بعض العراقيل بسبب جمود في ديناميتيها . ليعقبه السيد “ابراهيم بن ابراهيم ” , والذي حاول قدر الإمكان تنمية المدينة والتركيز بالخصوص على العنصر البشري من خلال فتح العديد من الاوراش . إذ اشرف على تدشين مجموعة من المشاريع التنموية المهيكلة ، وتستهدف هذه المشاريع التنموية التأهيل الحضري لمدينة بوجدور (أشغال الطرق ، تهيئة الساحات ، الإنارة العمومية …) وبناء مرافق عمومية بالمراكز القروية (مركز الاستقبال…) وتشجيع الاستثمار ودعم القطاع الصحي والسوسيو ثقافي .
قد بلغت الكلفة الإجمالية لهذه المشاريع ، 55,87مليون درهم موزعة كما يلي :
- بناء مركز الاستقبال بزاوية أهل الزريبة بالجماعة القروية لمسيد من طرف جهة العيون الساقية الحمراء بمبلغ 44 ,719 189 2 درهم .
- أشغال التهيئة الحضرية لحي التنمية من طرف شركة العمران بمبلغ 200,00 477 22 .
- التهيئة الحضرية لأحياءالامل1و2،الوحدة الجديدة والأمير سيدي محمد من طرف شركة العمران بمبلغ 00 ,264 235 26 درهم .
- بناء وتجهيز مركز سوسيو ثقافي من طرف جماعة بوجدور بحي علال بن عبدالله بمبلغ 00 ,000 620 درهم .
- بناء بناية الاستقبال لمواكبة المستثمرين بالمنطقة الصناعية من طرف شركة ميدز بمبلغ 00, 000 600 3 درهم .
- تسليم معدات طبية لفائدة المستشفى الإقليمي لبوجدور من طرف المجلس المحلي بمبلغ 00, 000 744 درهم .
كما أعطى الأولوية لنظافة الإقليم عن طرق تنحية الأردام والاعتكاف على القضاء على النقط السوداء الخاصة بالأزبال وطلاء واجهات المنازل . وقد سخر لهذا الغرض وسائل لوجستيكية , وطاقم كبير من العمال عن طريق السلطة المحلية التي قامت بدورها المنوط بها .
وفي الشق الاجتماعي تبلورت فكرة منصة الشباب بإقليم بوجدور”، التي كان الفضل لعامل الإقليم “ابراهيم بن ابراهيم” في إحداثها , لدعم ريادة الأعمال وتحسين قابلية التشغيل لدى الشباب ، والتي هدف مسؤولي عمالة إقليم بوجدور من خلال هذه المنصة إلى تقوية وتعزيز المهارات والقدرات المهنية للشباب الباحثين عن عمل ، وبلورة المشروع الشخصي والمهني ، وتوجيه الشباب إلى مسارات المقاولات والتشغيل . وفيما يخص أيضا الذاتي ، والمساهمة في استقلالية الشباب وتمكينهم من الآليات والأدوات الكفيلة بتحقيق ذواتهم , وتقديم دعم مالي لتمويل أفكارهم كما تم دعم العديد من المشاريع عن طريق هاته المبادرة .
وفيما يخص الشق الاقتصادي , عرفت المنطقة الصناعية بالإقليم , ديناميكية أكثر خلال الأربع سنوات الأخيرة ، حيث تم تبسيط الإجراءات لتسهيل الاستثمارات ، لتشرع السلطات المحلية في مواكبة تطلعات المستثمرين الذين قاموا بتشييد وحدات صناعية لتصبير وتعليب السردين , وهي وحدات صناعية شغلت اليد العاملة المحلية . وبلع عدد الوحدات الصناعية بالإقليم رقما مهما , في انتظار نهاية أشغال الوحدات الأخرى التي مازالت في طور الإنجاز . وقد استغل السيد العامل في هذا الإطار علاقاته مع بعض المستثمرين من مدن الداخل , كما كان له دور في حث الفاعلين الاقتصاديين على ضرورة تشغيل شباب الإقليم , من خلال دفتر التحملات والذي حدد مدة محدودة لخروج هذه المشاريع لحين الوجود .
كما سهر عامل الإقليم على العديد من المشاريع , كسوق السمك والسوق البلدي , ومتابعة أشغال المؤسسات التعليمية , والمرافق الهامة . وكان أخرها مشروع تهيئة المدخل الجنوبي للمدينة , الذي أشرف على نهاية الأشغال به مما سيضفي على المدينة جمالية خاصة .
وبهذا تكون مرحلة السيد “ابراهيم بن ابراهيم” والتي بدأت مند 2017 , إلى يومنا هذا , قد اتسمت بدينامية جيدة برزت خلالها مشاريع هامة غيرت شيئا ما من إقليم التحدي نحو الأفضل . كما أن السيد العامل نجح في رأب الصدع الذي كان بين المنتخبين , مما مكنه من خلق شركات مع المجالس المنتخبة , لنجد أنه نجح أيضا في محاولة تنمية الانسان والعمران , ورغم أنه ما زالت هناك نواقص يجب تداركها , مما يستوجب ضرورة الحزم في تتبع مشاريع الأشخاص والجمعيات , والوقوف على سيرها , لأن أغلب الذين استفادوا لم يقدم جديدا يذكر للمدينة , بل منهم من باع التجهيزات , ورحل عن المدينة . ومنهم من استفاد أكثر من مرة دون جدوى تذكر .
ومن هذا المنطلق نقول بأن التنمية الإقليمية يساهم فيها العنصر البشري , و المواطن الملتزم قبل الدولة , التي سلمها زمام الأمور عن طريق تفويض شرعي . لهذا يجب على الأشخاص الالتزام عن طريق تطوير المشاريع التي يستفاد منها , و أن تكون نظرته شمولية تنبني على المجموعة , وليس الفرد , حتى تعم الاستفادة التي تمنتها الساكنة , وطرحت من خلالها أسئلة عديدة مند تعين السيد بوشعيب الزقوري , كأول عامل تحت خيمة من شعر الماعز إلى يوم تعين السيد ابراهيم بن ابراهيم , تحت سقف عمالة الإقليم المزخرف والمبنية على أعلى طراز .