بصور تدمع العين : تملالت بين الوعود المؤجلة وواقع الإهمال المزمن

الجريدة العربية – تملالت 

رغم دخول المغرب عام 2025 بخطاب التنمية المتجددة، لا تزال مدينة تملالت تمثل رمزًا صادمًا لعطب السياسات الحضرية المتراكمة. حيٌّ عشوائي يتكئ على هشاشة البناء وغياب البنى التحتية الأساسية، وسكانٌ يعيشون في انتظار وعود لم تتحقق، وخطط إعمار لم تغادر صفحات الخطب الرسمية.

الأوضاع في تملالت لا تواكب الخطاب الحكومي عن العدالة المجالية ولا عن الحق في السكن اللائق. البيوت متهالكة، والبنية الحضرية متآكلة، والمواطن البسيط أصبح ضحية انتظار لا نهاية له، في ظل تعاقب الحكومات وتعاقب الوعود. كل مشروع يعلن عنه بصخب، سرعان ما يتوارى قبل أن يلامس واقع السكان. وهكذا تستمر تملالت في التآكل الصامت، دون تدخل فعّال يُنهي دوامة التهميش.

بينما يتحدث العالم عن مدن ذكية ومجتمعات رقمية، يواجه سكان تملالت تهديدات يومية بانهيار جدران قديمة فوق رؤوس أبنائهم. مشاهد التهجير القسري والانهيارات المتكررة أصبحت اعتيادية، لكن لا شيء يحرّك الضمير الرسمي، وكأن هذه الفئة من المواطنين لا تُمثّل سوى أرقامًا في تقارير لا تتجاوز رفوف الإدارات.

إن أزمة تملالت ليست فقط معمارية، بل هي في العمق أزمة إنسانية، تطرح أسئلة صارخة حول مدى التزام الدولة بحقوق المواطن في الكرامة والسكن والحياة الآمنة. فلا يمكن الحديث عن تنمية شاملة بينما توجد أحياءٌ لا تتوفر فيها مقومات العيش الكريم، ولا يمكن بناء حضارة حقيقية على أنقاض إنسان مقهور.

اليوم، لا يحتاج سكان تملالت إلى خطاب جديد، بل إلى إجراءات ملموسة تضع حداً لعقود من الإهمال. فالأحياء العشوائية ليست وصمة، بل فرصة حقيقية لاختبار صدق إرادة الإصلاح، واختبار مدى قدرة السياسات العمومية على الاستجابة للمطالب الجوهرية للمواطن.

تملالت لم تعد فقط حالة عمرانية متدهورة، بل أصبحت مرآةً مؤلمة لواقع اجتماعي ينتظر مساءلة حقيقية: هل نمتلك الشجاعة الكافية لتغيير هذا الواقع، أم سنكتفي بمراقبته يتآكل في صمت؟

Exit mobile version