الجريدة العربية – الرباط
في خطوة دبلوماسية ذات دلالات استراتيجية، استقبل وزير الشؤون الخارجية المغربي ناصر بوريطة، يوم الإثنين بالرباط، نظيره الكيني موساليا مودافادي، حيث توّج اللقاء بإصدار بيان مشترك حمل رسائل سياسية قوية، من أبرزها الدعم الكيني الصريح لمبادرة الحكم الذاتي المغربية كحل وحيد وواقعي لقضية الصحراء، وهو ما يُعد صفعة دبلوماسية جديدة للجزائر وجبهة البوليساريو.
وأكد البيان أن جمهورية كينيا “ترحب بالإجماع الدولي المتزايد والدينامية التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، لصالح خطة الحكم الذاتي المغربية”، معتبرةً إياها “المقاربة الوحيدة الجادة والواقعية والدوام لتسوية هذا النزاع الإقليمي”.
دعم واضح لمسار الأمم المتحدة
وجدد الطرفان دعمهما للمرجعية الأممية باعتبارها الإطار الحصري لحل النزاع، مؤكدين التزامهما بمضامين قرار مجلس الأمن رقم 2756 لسنة 2024، وهو القرار الذي قوبل برفض من الجزائر التي امتنعت عن التصويت عليه.
كما أشاد المغرب، من جهته، باعتراف كينيا بتعاونه البناء مع الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي، معتبراً ذلك مساهمة في دفع العملية السياسية نحو حل دائم.
انطلاقة جديدة للعلاقات الثنائية
لم يقتصر اللقاء على الشق السياسي، بل حمل في طياته بعداً اقتصادياً وتنموياً مهماً. فقد شدد الوزيران على أهمية إطلاق حوار سياسي رفيع المستوى لتنسيق المواقف في المحافل القارية والدولية، كما تم الاتفاق على تسريع التبادل التجاري والتعاون الثنائي في مجالات متعددة تشمل:
-
الفلاحة والأمن الغذائي (بما في ذلك استيراد الأسمدة)
-
الصحة والسياحة
-
الطاقات المتجددة والتعاون الأمني
-
التبادل الثقافي والديني والشعبي
ويأتي هذا في سياق تفعيل اتفاق التعاون الموقع بين البلدين في نيروبي بتاريخ 14 سبتمبر 2022، خلال زيارة وزير الخارجية المغربي ولقائه بالرئيس الكيني وليام روتو، وهي الزيارة التي شهدت إعلان كينيا حينها عن سحب اعترافها بـ”الجمهورية الصحراوية”، قبل أن تتراجع عن القرار في وقت لاحق.
فتح سفارة وخط جوي مباشر
ضمن الدينامية الجديدة، أعلن الجانبان عن افتتاح رسمي لسفارة كينيا في المغرب، كما تقرر إطلاق خط جوي مباشر بين الدار البيضاء ونيروبي لتعزيز التبادل التجاري والسياحي، في خطوة تعكس الرغبة المتبادلة في تطوير الشراكة على أرض الواقع.
وفي هذا السياق، شدد الوزير الكيني على ضرورة تقليص العجز التجاري بين البلدين، لافتاً إلى أن واردات بلاده من المغرب — وخصوصاً من الأسمدة — بلغت ما يعادل 93 مليون دولار أمريكي، في حين لم تتجاوز صادرات كينيا إلى المملكة 4 ملايين دولار، داعياً إلى تعزيز صادرات بلاده من الشاي والقهوة.
نحو اتفاق تجاري شامل في إطار منطقة التبادل الحر
واختُتم اللقاء بالإعلان عن استعداد المغرب لتوقيع اتفاق تجاري ثنائي في إطار منطقة التبادل الحر القارية الإفريقية (ZLECAf)، ما من شأنه فتح آفاق واعدة لتعزيز المبادلات بين البلدين وتنشيط الدور المغربي في الفضاء الاقتصادي الإفريقي.
هذا التقارب المغربي الكيني يأتي ليعزز التوجه الإفريقي للمملكة، ويمثل، في الآن ذاته، نكسة جديدة للطرح الانفصالي في القارة.