الجريدة العربية – إدريس زياد
عندما تعم التفاهة والإسفاف فاعلم أن وراء ذلك أيادي خفية وخبيثة تريد السوء والخراب، أن تصبح هرطقات راقصة موضوع نقاش هذه الأيام، فهذه كارثة الكوارث و أم المهازل، تؤذن بخراب المجتمع، وتنتج عقولاً مشبعة بالضحالة والخفة وتسطيح الفكر، وكثرة إقبال الناس على مشاهدة العهر الذي لا يغرس في النفوس سوى الإنحلال والإنعتاق من القيم، في الوقت الذي يُدْبرون فيه عن الإهتمام بالبرامج التي تدعوهم إلى تزكية النفس، أو الإطلاع على تاريخ مشرق لأهداف تربوية، أو التي تدعوهم إلى إعمال الفكر للنجاة من يوم قادم، مقارنة بمتابعة السفه والرذاءة…الحكم على راقصة أو إطلاق سراحها لا يكون بقوة الدعاية لها أو ضعفها، بل يكون الحكم عليها حسب نوع الجرم المرتكب، نرى منذ الأزل أن الراقصة عملة متنقلة دورها منحصر في إحياء الحفلات والمناسبات والأعراس من بيت إلى بيت ومن قاعة أفراح إلى أخرى، وليس لها دور في المحاضرات أمام كل هذا العدد من أعين كاميرات الصحافة، غالباً ما تطفو على السطح مثل هذه الخزعبلات، فيجعلها الإعلام المموّل موضوع الساعة للتغطية والتمويه على ما هو أهم، فالتفاهة التي تستخف بالعقل وتستنزف طبائع المجتمع البريء وتحوله إلى قطيع، هي تفاهة عدوانية ساخرة تزرع الأحقاد، تفاهة بليدة تسقط بين الناس لتحجب عنهم رؤية الحقيقة، وتزيحهم عن النقاش الحقيقي، نقاش الساعة، الذي هو التهاب المواد الغدائية الأساسية، والمشاكل اليومية التي يعاني منها أبناء الوطن الواحد في غياب تام للحكومة، التي قدمت وعوداً زائفة للشعب المغربي حول تحسين الأوضاع والعيش الكريم… لعل إدبار الكثير من الناس عن البرامج المفيدة وإقبالهم على ما يضيع الوقت ويذهبه سدى مرده لضياع روحي ولافتقار حقيقي لبوصلة توجههم أو لقضية تشغلهم أو قدوة يستدلون بها على خير ثابت محفوظ، وأسباب ذلك الإدبار كثيرة، فيهربون من واقعهم لواقع أقل تكلفة وأقل ألماً وأقل حملاً، ليتخففوا من أثقالهم بأثقال غيرهم فتبرد همتهم وتفنى عزيمتهم وتثقل نهضتهم، وعلاج ذلك الصبر عليهم وفهم واقعهم فهماً جيداً والأخذ بيدهم نحو أرواحهم، فإنهم مهما أضاعوها لابد وأن يجدوها يوماً ما بكلمة، بإشارة، بعبارة، أو بموقف صغير فيستفيقوا من سيرك الحياة الدنيا وينفضوا عزلة التفاصيل البالية.🖋️إدريس زياد