* ذ. عبد الله مشنون
على هامش اللغط الكبير الذي خلفه تدخل السيد وزير العدل المغربي عبداللطيف وهبي في حكومة السيد عبدالعزيز أخنوش؛ الذي يشغل في نفس الوقت الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة؛ وذلك في إحدى جلسات البرلمان؛
نحن في صحيفة إيطاليا تلغراف لنا موقف مغاير يساير المنطق والمعقول؛ ليس دفاعًا عن وزير كيفما كان وضعه الاعتباري؛ بل رسالة الإعلامي في تنوير الناس ونقل الحقيقة بعيدًا عن المغالطات المنطقية. فنحن لسنا في موقع المحامي للترافع أو المناصرة لهذا الطرف أو ذاك. فقط انطلاقًا من مبدأ قدسية الخبر الذي يبقى يحتمل الصدق؛ كما يحتمل الوجه الآخر الذي هو المبالغة والكذب.
مع الأسف قضايانا كلها لحظية؛ ويعرف أي عاقل كيف تبدأ وكيف تستثار وكيف تتفاعل وكيف تنتهي. أحداث لحظية، يليها انفجار العواطف وحملات التسويق وخلق هالة إعلامية كبيرة حولها؛ مع تبادل الكثير من السب والشتم والاتهامات المتبادلة؛ ثم لا شيء يلي ذلك من بعد. وهكذا دواليك في انتظار حدث آخر جديد. في غياب خلق الهالة الحضارية حول أهم قضايانا المجتمعية.
نحن مغاربة العالم الذين يتابعون ويهتمون بقضايا وشؤون بلدهم الأصلي؛ ومن خلال جمع المعطيات الكاملة في مجملها حول ما صرح به السيد وزير العدل في لقاء سابق مع الرمضاني في برنامجه الموسوم بالعنوان: (بدون لغة خشب) الذي فصل فيه السيد عبداللطيف وهبي مدخلات إصلاح القانون الجنائي والمسطرة الجنائية المغربية؛ وسبب سحبها من المناقشة في البرلمان؛ حيث تطرق في شق مهم جدًا للشكايات والوشايات الكيدية والكاذبة؛ وتأثيرها على نفسية الموجهة ضده وكذا على سير المرفق العمومي والمسؤولين من موظفين ومنتخبين على حد سواء. حيث اعتبر أنه من غير المعقول ضياع الوقت لسنة او سنتين في البحث والتحري حول شكاية مجهولة المصدر. وأن من له الشجاعة والجرأة فليتقدم باسمه الشخصي بشكايته للنيابة العامة.
سوء الفهم الكبير هذا لموقف السيد عبداللطيف وهبي؛ المحامي أيضًا الذي خبر الشكايات والوشايات؛ وخبر المرافعات حولها؛ كون بدون شك فكرة عن سيكولوجية الشخص المظلوم الذي توجه الشكاية ضده؛ وكذا حول النفس المريضة لصاحب الوشاية او الشكاية المجهولة.
ولعل من أكثر الأحكام قساوة وظلمًا ضد الأشخاص الأحرار؛ شائعات تصدر عن الذي يعتقد أنه وحده له الحق في محاكمة الناس وتفسير افعالهم وطرق عملهم؛ أو إثر حساسيات وحزازات شخصية؛ أو بسبب الغيرة المرضية؛ أو الأمراض النفسية والأخلاقية.
والأخطر أن تجتمع كل هذه العوامل فتصدر عن مريض بجنون العظمة وتضخم الأنا والغيرة والحسد والانتقام -والعياذ بالله-؛ يتلذذون في ركوب الدناءة من أجل الإساءة للأشخاص والمؤسسات؛ إما انتقامًا أو بُغية ابتزاز وتشهير.
إقرأ أيضا : ما بين المباح والمحرم توجد أمور مشتبهات جدلية التلاعب بالمعايير في معادلة التطبيع مع إسرائيل .
نحن مغاربة العالم؛ بقدرما نشد بحرارة على كل الوسائل للضرب على أيدي الفاسدين والمفسدين في الأرض وفي الإدارة والمرافق العمومية للدولة والمؤسسات كيفما كان نوعها؛
لكن مع ذلك؛ نسجل على أنه؛ لعل من أسوأ النصوص ظلمًا على الإطلاق؛ التي أنتجها المشرع المغربي في مجال المجموعة الجنائية المغربية؛ هي تضمين بعض النصوص القانونية؛ عبارة: (يتلقى الوشايات):
- هذه الفقرة من الفصل 21 من قانون المسطرة الجنائية؛ والذي ينص على ما يلي:
“يباشر ضباط الشرطة القضائية السلطات المحددة في المادة 18 ويتلقون الشكايات والوشايات.”
- كذلك هذه الفقرة من الفصل 40 من قانون المسطرة الجنائية:
“يتلقى وكيل الملك الشكايات والوشايات ويتخذ بشأنها ما يراه ملائمًا… ويحيل ما يتلقاه من محاضر وشكايات ووشايات وما يتخذه من إجراءات بشأنها إلى هيئات التحقيق أو إلى هيئات الحكم المختصة أو يأمر بحفظها.” - وأيضًا هذه الفقرة من الفصل 49 من قانون المسطرة الجنائية:
“يتولى الوكيل العام للملك السهر على تطبيق القانون الجنائي … ويتلقى الشكايات والوشايات والمحاضر الموجهة إليه ويتخذ بشأنها ما يراه ملائما من الإجراءات.
يحيل الوكيل العام للملك ما يتلقاه من شكايات ووشايات وما يتخذه من إجراءات إلى هيئات التحقيق أو هيئات الحكم.”
ضياع للوقت والإساءة للناس وترويعهم؛ دون جبر للضرر أو تعويض عما لحق بهم من إساءة وإهانة مادية ومعنوية.
من كانت لديه الشجاعة والجرأة؛ يتقدم إلى القضاء شخصيًا ويضع شكايته؛ وليس التخفي وراء رسالة مجهولة المصدر.
فإذا قام السيد وزير العدل عبداللطيف وهبي؛ بحذف وشطب هذه العبارة من المجموعة الجنائية؛ فيكفيه ذلك فخرًا.