الجريدة العربية – طارق قطاب
تتراكم القرائن و الدلائل ، وكلها تشير إلى المسؤولية المباشرة والمفترضة للجبهة الانفصالية في الهجمات التي استهدفت المدنيين في مدينة السمارة ، في قلب الصحراء المغربية. المغرب يتأنى و يتحرى الصبر و الحكمة في تعامله ، لكن هذا الاستفزاز الذي خلف قتيلا وثلاثة جرحى، اثنان منهم في حالة خطرة، ستكون له عواقب وخيمة . كما سيتم تطبيق القانون بصرامة لا هوادة فيها .
هناك دلائل لا لبس فيها، ومع مرور الأيام، تشير هاته الدلائل إلى اتجاه واحد فيما يتعلق بالتفجيرات الأربعة للقذائف التي ضربت، ليلة 28 إلى 29 أكتوبر، أحياء آهلة في مدينة السمارة جنوب المملكة المغربية ، وخلف قتيلا و3 جرحى بينهم اثنان في حالة خطيرة ، فضلا عن الخسائر المادية الناجمة . ويوضح الاتجاه المطروح مسار الجبهة الانفصالية المسلحة التابعة لجبهة البوليزاريو، التي تستضيفها وتمولها وتسلحها الجزائر .
والملاحظة، بحسب هذا المصدر المطلع، هي أن هناك مجموعة من الأدلة الموثوقة والثابتة والمقنعة التي تثبت مسؤولية البوليزاريو. ومع البيانات الصحفية اليومية والأعمال العدائية المسلحة منخفضة الحدة على طول الجدار الدفاعي، لم تعد جبهة البوليزاريو تخفي عودتها إلى “الكفاح المسلح” منذ أن قررت، في 13 نوفمبر 2020، خرق وقف إطلاق النار من جانب واحد ، الذي ترعاه الأمم المتحدة . وإذا لم يكن لتهديداتها حتى الآن صدى يذكر، بل وتأثير أقل على الأرض، يبدو أن الجبهة تريد رفع التصعيد، مستهدفة هذه المرة السكان المدنيين .
أحد الدلائل التي تشير إلى مسؤولية البوليزاريو عن الهجمات الجبانة ضد السكان المدنيين في السمارة هو على وجه التحديد الادعاء الرسمي من قبل الجماعة الانفصالية نفسها بالهجوم من خلال “البيان الحربي رقم 901” . وتدعي الميليشيا أنها نفذت هجمات مسلحة على مدينة السمارة ، وتسببت في وقوع ضحايا . وهناك عنصر آخر في القضية : الصمت المذنب لجبهة البوليزاريو، في حين تصدرت ادعاءاتها عن هذا الهجوم عناوين الصحافة العالمية . ونقلت عشرات المقالات معلومات تتعلق بعمليات إطلاق النار هذه وتداعياتها . وصمتت البوليزاريو ولم تكذب الأخبار التي انتشرت كالنار في الهشيم .
بل إن ما يسمى بممثل البوليزاريو لدى الأمم المتحدة، سيدي عمر، أصر على ذلك و أنه تم وقوعه . وعقب اعتماد مجلس الأمن، الاثنين 30 أكتوبر، القرار 2703 المتعلق بالصحراء المغربية ، تعرض هذا العضو في جبهة البوليزاريو لسؤال متضمن من قبل نائب ممثل جنوب أفريقيا في قاعة المؤتمرات بمجلس الأمن، رغم أنه لا يحق له ذلك . وعندما سُئل الرجل الذي يُدعى سيدي عمر عن الهجمات التي استهدفت السكان المدنيين في السمارة، قرأ علناً مضمون “البيان رقم 901” الشهير للانفصاليين . وتبرير هذا العمل الإجرامي باسم “النضال ضد المحتل”.
وما لا يقوله عضو البوليزاريو، وهو أيضا منسق مع المينورسو، هو أن هذه الهجمات استهدفت مناطق سكنية ومنطقة صناعية ، ولا توجد بها منشآت عسكرية أو استراتيجية. ويشير مصدرنا إلى أن “حتى مطار السمارة المدني يبعد أكثر من كيلومترين عن مكان وقوع التفجيرات”.
وبالنسبة للمغرب، تشكل هذه التصرفات تهديدا واضحا وغير مسبوق للسلم والأمن في المنطقة، وهو ما تعتبره المملكة خطا أحمرا . كما أنها كانت محاولة خرقاء من طرف الكيان الإرهابي ، بقدر ما كانت محاولة يائسة للتأثير على قضية الصحراء المغربية غداة اجتماع مجلس الأمن لتمديد بعثة المينورسو ، عشية اعتماد قرار مؤيد بشكل نهائي للمغرب ويدفن مرة أخرى أوهام البوليزاريو وراعيها الدائم الممثل في دولة الجزائر ، فيما يتعلق بأي خيار للاستفتاء . وكان الهدف واضحا للعيان ، و هو تحويل الانتباه وممارسة الضغط على مجلس الأمن .
وفي الوقت الراهن، يدعو المغرب، في إطار سيادة القانون، إلى الحكمة وضبط النفس. كما فتحت النيابة العامة المختصة بالعيون تحقيقا ، وتجري حاليا التحليلات التقنية والباليستية لتحديد طبيعة المقذوفات وأصلها . وفي غضون ذلك، تحرص السلطات على عدم استباق نتائج هذا التحقيق ولا تعلق على العملية القضائية . و ستتحلى المملكة بالهدوء أمام هذه الاستفزازات المتهورة ، و ستواصل التحقيقات حتى نهايتها ، حتى يتم تحديد المسؤوليات ومن ثم تطبيق القانون بكل صرامة .