ما الذي يحدث مؤخرا في المملكة الشريفة ؟
لماذا اتسعت الفوارق الاجتماعية , حتى أصبح من المستحيل نسج ” خيوط الأمل ” , لتبديد صورة الاحتقان و الغضب الشعبي في المغرب ؟ لماذا لا تجد الحكومة التكنوقراطية الحالية ” حلولا لأفة الغذاء و معضلة المعيشة ” ؟ و هي التي أتت على الأخضر و اليابس , لتفوز بمقاعد الحكم في انتخابات أقل ما يقال عنها , أنها عكست صورة مشهد سياسي هزيل , و كأنه مصاب ” بالكساح الاقتياتي ” أو ” بداء البيري بيري ” .
يدرج المغرب في جل المنتديات الاقتصادية العالمية و التقارير الدولية , ضمن خانة البلدان ذات النمو المتسارع , و التي تعطي الأولوية للرأسمال و الاستثمار المحلي و الخارجي . إذ بلغت قيمة الاستثمارات الأجنبية في المملكة خلال السنة الماضية , حوالي 1.87 مليار دولار . كما أن هاته الاستثمارات كانت قد بلغت ما بين عامي 2006 و 2007 حوالي 2.57 مليار دولار . لكن الأمر الغريب الذي لا يستطيع ” عقل المواطن المغربي ” استيعابه هو : أين تذهب الأموال التي تجبى من هاته الاستثمارات الغزيرة , التي تهطل على وطننا العزيز , كسيل العرمرم ؟
لماذا لا يستفيد الشعب المغربي من الرخاء الاقتصادي الذي ينجم عن مداخيل الاستثمارات المحلية أو التي تأتي من الخارج ؟ أو حتى الاستفادة من دعم الدولة للمنتجات الغذائية و المواد الاستهلاكية , بشكل يجعل المواطن يحس بالسعادة و الانتشاء , بعيدا عن سلطة التذمر و الاستياء , فلا يشعر حينها بالفقر و الذل و المهانة الاجتماعية ؟ أم أنه ليس من حق شعب دولة تحتل المراتب الأولى عالميا في صناعات و تصديرات شتى أن يستفيد من خيرات أرضه ؟ ربما لا …. أو ربما نعم يحق له ذلك .
إذن . إذا كانت الأوضاع الاقتصادية للبلد تحيلنا إلى الإحساس بالتقدم المزدهر . فمن يقف خلف هذا الإخفاق الذي يمنع ” المخلوق المغربي ” في أن تشبه حياته , حياة ” جنس بني البشر ” ؟ و يصير أضحوكة الترتيب العالمي للتنمية , أو ترتيب الدخل الفردي السنوي العالمي , الذي لا يكاد فيه المواطن المغربي يصل إلى سقف 3000 دولار سنويا , إلا ” بالشحط و المقاتلة ” . و هو بذلك يحتل المراتب الأخيرة عالميا ؟
تحدث بن كيران ذات مرة عن العفاريت و التماسيح . و أنا اليوم أستقي من كلامه لإسقاط اجتماعي محظ لما يقع للمواطن المغربي المقهور , من ظلم و حيف الحكومات التي توالت على سلخ جلده , و ” تقديد ” عضلاته إن هو احتج أو تظاهر . أو ” طحن دين أمه ” إن هو شكى حاله ” لأصحاب الحال ” .
فالأحزاب السياسية المغربية تكاد تكون كلها انتهازية تلهث خلف السلطة و المال . و ما تبقى منها كسول مترف بالكذب أو قلة الحيلة , و سوء الطالع . و من توالى على كراسي البرلمان , حاله لا يختلف عن ذاك الذي نام الليل كله فأستيقظ متعبا , و ذهب ليستريح من سغب نومه . النشاط السياسي في المغرب يجعلك تحس كأنه مسخر ” لتكسير ضلوع المغربي ” فلا يجد المواطن بدا من ” الحريق إلى الطاليان ” , أو الاحتراق داخل وطن يحبه حتى الثمالة .
” العيشة في المغرب ” تعطيك الإحساس بأنك ” مسخوط الوالدين ” أو ” ملقط البلا من شي ولية ” . و الغريب هو ” التزويق و التنميق ” الحكومي و البيانات المفبركة لتحسين أوضاع المواطن . حتي قال ذات يوم أحدهم : بأن الدخل الفردي السنوي للمواطن المغربي سيرتفع في حدود عام 2035 إلى 16000 دولار سنويا …. ” الله يمسخك و ينزل عليك البلا , علاش تكذب ” .
يقول قريبي الأستاذ ” زياد إدريس “ في إحدى تدويناته الرائعة , كلاما يصف به حال الوضع الراهن للبلد , و صورة السلطة و السياسي المتطفل الذي تأبط شره , في مشرحة الدفاع عن مصالحه ضد ” الشعب ” :
” التهاب المواد الغذائية الأساسية هو بمثابة إعلان حرب على الشعب ليرفع منسوب الغضب الشعبي و الاحتقان الاجتماعي إلى الحد الذي لا تؤمن عواقبه ..!
أين هي أحزاب الظلم و التخلف التي أصبحت تشرع للفساد و تبني للتخريب طريقاً سريعاً و تدمر حقوق المغاربة و تنهب أموال الشعب و تغلق أبواب التوظيف لخريجي الجامعات و المعاهد و المراكز و تشل مستقبل المغاربة و ترفع الأسعار و تهتك عرض صندوق المقاصة و تسهل الطريق للفاسدين منها ليستولوا على البرلمان و المجالس و الوزارات و الحكومة…
الواقع السياسي و الحزبي في المغرب الحاضر فاشل و هزيل ، و لا يوجد من يمكن تسميته بالسياسي من بين متسلطي الأحزاب ، كلهم متشابهون انتهازيون و يلهثون خلف المال و السلطة و لا يرون الشعب في قواميسهم ، نتمنى أن يستفيق الضمير الوطني و الأمل معقود على أن تتحرك الفئة القليلة التي لازالت تقاوم في صمت …
أين اختفى أولئك الذين كانوا ينتقدون الحكومات السابقة ليل نهار ؟
لماذا لا تنتقدون اليوم بنفس الحماس ؟ ” …..