الجريدة العربية
توترت العلاقات بين فرنسا والمغرب على حين غرة ، و لأسباب مختلفة ، بما في ذلك قضية بيغاسوس وقضية التأشيرات . لكن جوهر الخلاف الحقيقي بين البلدين يظل هو موضوع السيادة المغربية على صحراءه . و من هذا الجانب تتوقع المملكة المغربية ، موقفا واضحا و صريحا من باريس بشأن هذه القضية الحساسة ، و التي لن تتنازل عنها الرباط مهما كلف الأمر .
على الرغم من المحاولات الأخيرة للمصالحة ، فإن بعض الدوائر السياسية المغربية والمحللين ليسوا متفائلين للغاية بشأن تطبيع العلاقات بين المغرب وفرنسا ، و ذلك من الوجه المزدوج للفرنسيين . وجدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ، في رسالة وجهها إلى الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش ، رغبة باريس في تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون مع الرباط ، وفق ما نقلته وسائل إعلام عربية . ويشك محللون سياسيون مغاربة في صدق رسالة ماكرون التي لم تعط أي مؤشر على زيارته للمملكة التي أعلن عنها قبل عدة أشهر ، و تبقى فقط كمحاولة الصيد في الماء العاكر من الجانب الفرنسي .
بالنسبة للمراقبين المطلعين ، لم يعد الوقت مناسبًا للخطب الرنانة . بل يجب على فرنسا أن تثبت بالأفعال أنها حليف للمغرب . كما إنه يتعين على الرئيس الفرنسي أن يصحح موقفه في قضية بيغاسوس التي يشتبه في قيام المغرب بالتجسس عليه باستخدام هذا البرنامج الإسرائيلي ، ومراجعة القيود المفروضة على تأشيرات الدخول للمغاربة ، وتنظيم زيارة رسمية إلى الرباط وتوضيح الموقف الفرنسي “الغامض” بشأن سيادة المملكة المغربية على أراضيها الصحراوية ، كما يوضح محمد لكريني ، أستاذ القانون والعلاقات الدولية .
الصحراء المغربية قضية حساسة بالنسبة للمملكة ، و شدد الملك محمد السادس مرارا على أن “أصدقاء” المغرب يجب أن يحترموا سيادته وسلامة أراضيه . لقد اعترفت الولايات المتحدة وإسبانيا وألمانيا وإسرائيل مؤخرًا بالسيادة المغربية على الصحراء . كما دعا العديد من الشخصيات السياسية الفرنسية ، بما في ذلك رشيدة داتي وإريك سيوتي ، الرئيس ماكرون إلى السير على خطى هذه البلدان والاعتراف بمغربية هذه المنطقة ، التي كانت تاريخيا جزءا لا يتجزأ من الأراضي المغربية . و يلعب عدم وضوح فرنسا في هذه القضية في استمرار الأزمة بين البلدين .
وعلى الصعيد الدبلوماسي ، استدعى المغرب سفيره في باريس في يناير وترك المنصب شاغرا منذ ذلك الحين ، وهو دليل على أن الأزمة عميقة ولن تحل بالخطب والزيارات الرسمية . بل تريد الرباط إجراءات ملموسة و فعلية من باريس ، ولا سيما جديتها بخصوص موضوع سيادة المملكة على أراضيها ، لاستعادة الثقة بين الدولتين وكذلك العلاقات الثنائية .