في زمن تعددت فيه الأزمات , و انفجرت فيه الكوميديا السياسية في مسرح البرلمانات و القصور لتضحك على الأذقان . في زمن تركت فيه مشواة الشعوب لتزهر نارها على مجمر ينفخ فيه قادة من زمن الخرافات و الأحاجي . في زمن تتعالى فيه أصوات الشعوب المقهورة غير المحظوظة : يا ربااااااه لمن تكلنا ؟؟ في زمن كره أن يأتي مجبرا ليكتب عنه أنه حقبة عاش فيها شعب انفرد به رجل , فبعثر المقدس , و جمد البرلمان , و عزل شعب قرطاج ….
حكاية شعب , حكاية رجل , حكاية خرافة أصبحت كابوسا مريرا , الاستيقاظ منها قد يستغرق سنة ( سوداء ) كاملة , وفي رواية أخرى أربع سنوات عجاف بالتمام و الكمال , لا يزرع فيها الناس و لا يعصرون . تلك هي قصة شعب قرطاج و صاحبه ” حنبعل ” الجديد . الذي بدأ القصة بالديمقراطية المطلقة و فخخها بالديكتاتورية المطلقة , ليغمس الفصل 80 من دستور تونس العظيمة , في حبر كتب به إقالة رئيس الحكومة و حل حكومته , و لطمه بإغلاق ” دكان البرلمان ” , ليبقى القائد المغوار ” حنبعل المفدى ” وحده في أدغال هو الأسد ( الوحيد ) فيها , يزأر متى يشاء , و يتجشأ متى أراد , ولا أحد من ” سكان القبيلة ” بإمكانه أن يقول اللهم إن هذا منكر …..
يخطب ” حنبعل ” ليوحد ما تفرق , و بخطبته تتائبت الأفواه , و استغرق الحضور في سبات عميق . يستنجد المستمعون ممن هم في منازلهم بترددات قنوات اللاقط الهوائي شاكرين الله على نعمة ( البرابول )* , الذي به يستطيعون الفرار من أضغاث الأحلام .
ينتهي خطاب السيد ” حنبعل ” , و لا يفهم النائمون من كلام المستيقض الوحيد إلا التحية و السلام , في حين تبقى نبرة صوته تتأرجح في الرأس و الكيان , تتعب طبلة الأذن كزنبور طنان . و في صباح الغد تكتب الجرائد و تنشر وسائل الإعلام, عن غلق و حل و إقالة مقترنة بإنسان و مكان . فيفهم الشعب حينها خطبة الزمان لسيد المكان ” حنبعل ” . تتمرد الشوارع , و تتدفق الجماعات من ثلة الشجعان معلنين ثورة على من إستنكر بالأمة و إستهان , و جمد السياسة و الإقتصاد و البلاد , و حكم بعدم مشروعية خلاصة أفئدة شعب أسقط من قبل تاجا ضل و استباد , فزحزح هو و معه ليلى بنت السلطان . فهل يشهد التاريخ أن ربيع تونس قد يحصد قبل الأوان ؟ أم أنه سيشهد ليكتب عصر رئيس أنتخب ديموقراطيا و صبئ ليحسب ليصبح ضمن من للعقد الإجتماعي خان و للديكتاتورية المطلقة استكان ….
تحيا تونس … يحيا شعب تونس … و تحيا أرض تونس … و من أجلها يعز المرء أو يهان .
- * ( البرابول ) في لغة شمال أفريقيا يعنى جهاز رقمي لاستقبال القنوات .