المرأة المطلقة في المجالات الشعبية و البسيطة داخل المجتمع المغربي و المشاكل التي تواجهها من أجل استئجار مسكن .

ذ. سهام لبلول – الجريدة العربية

معلوم لدى الجميع أن المرأة المطلقة في المغرب تعاني الويلات جراء النظرة الدونية التي يحيطها بها المجتمع ، و التمثلات الاجتماعية التي تحوم حولها ، بالإضافة إلى أحكام القيمة التي تصنفها ضمن فئة معينة ، و هذه الأحكام تكون جاهزة مسبقا و متمركزة في الحس الجماعي .

في هذه التدوينة ، سأسلط الضوء على جبهة واحدة فقط ، من بين الجبهات التي تظل المرأة المطلقة تصارع فيها طيلة تجربتها هذه ، و التي لا يمكننا الحكم عليها إن كانت تجربة سلبية أو إيجابية ، لأن أسباب الطلاق متعددة ، و بالتالي نتائجه مختلفة حسب اختلاف الوضعيات الاجتماعية لكل حالة .

كما أن للوضعية الاجتماعية المادية ، ثقل كبير ، في اختلاف حالات و أوضاع المطلقات ، لهذا سنحصر النقاش ، حول المطلقة من فئة اجتماعية متوسطة إلى بسيطة .

لا يخفى على أي كان ، أن الترابط الاجتماعي منذ عقود ، في تفكك مستمر ، و مازال كذلك ، حتى أصاب الروابط العائلية بتصدع و شروخات فجة و عميقة ، كان لها عظيم الأثر على أوضاع الأنثى المطلقة ، بحيث ، ما إن تطأ قدماها خارج بيت أهلها ، لتنتقل لبيت زوجها ، حتى تصبح غريبة ، و خارج مسؤوليات إخوانها أو والديها . و يظل هذا التباعد قائما و تزداد هوّته ، في حالة ما إذا توفى زوجها أو حدث انفصال ، فتصبح أمام واقع مرير و مرهق ، تجابه فيه كل أنواع الصراع و الخوف و الاتهامات ذات الحمولات الأخلاقية .

حتى و إن حدث و كانت هذه المطلقة موظفة أو عاملة ، أو لديها نشاط تجاري ، أو تقوم بمهنة أخرى ، فلا يخلو الأمر دائما من وجود اصطدامات مع أي كان و في أي مجال .

و من بين ما تصطدم به النساء المطلقات ، هو المسكن ، فهي تخوض رحلة عنف رمزي من نوع آخر . إذ يحدث أن تذهب هذه المرأة كزبونة لوكالة عقارية ، لتطلب منزلا للإيجار ، فيكون أول سؤال يوجه إليها هو : هل أنتِ متزوجة ؟
جوابها بالنفي ، يحسم تلقائيا الموضوع ، دون السؤال عن ما إذا كانت لها المقدرة المادية لدفع ثمن الإيجار .

اختياري لهذه التدوينة لم يأتي عبثا ، إنما جاء نتيجة احتكاكي ، ببعض المطلقات اللواتي تعرضن لمواقف مخزية ، في هذا الصدد .

سأسيق تجربة إحداهن ، التي كانت تواجه صعوبة في إيجاد منزل بحي سكني بين العائلات كونها أم لفتاتين ، و تتطلع للسكن بحي هادئ و آمن ، لا يعج بالمجرمين و أصحاب السوابق ، و دور الدعارة ، إلا أنها تجد نفسها منبوذة و غير مقبولة لولوج هذا الحي ، فقط لأنها مطلقة . و بعد انتقالات كثيرة بين عدة أحياء لم تكن تجد فيها مأمنا لها و لبنتيها ، لم يكن لديها حل آخر الا أن تتزوج بشاب مثلي الجنس ، لتصبح رسميا متزوجة . و كان هو من اقترح عليها الحل كنوع من المساعدة ، لأنها كانت زبونة لديه في صالونه للتجميل . بدا الأمر جدا مضحكا ، لكنه مؤلم و محزن في جوهره .

سيدة أخرى مطلقة ، و هي صاحبة حق الحضانة لأطفالها ، بعد طلاقها من زوجها العربيد ، اضطرت للإقامة في أحد أقسام الحضانة لشهور عديدة مع طفلها ، لأنها لم تجد من يأجر لها شقة ، و المفارقة الغريبة ، أنها بعد مدة استطاعت أن تأخذ قرضا ، مع قليل من مدخراتها ، و أن تشتري شقة في نفس المبنى الذي سبق و تم رفضها فيه كمستأجرة .

سبق و أشرت لهذا ، فالمطلقة في وسط بسيط ، ليست كالمطلقة من طبقة و مكانة اجتماعية أرقى .
القصص لا تنتهي حول هذا الموضوع ، و المواقف من غرابتها و تناقضها ، تصيب بالضحك أحيانا ، و البكاء أحيانا أخرى . و لا يسعنا كمجتمع تقليدي في جوهره ، يصف نفسه بالحداثي ، إلا أن نكثف الجهود من خلال المنابر الإعلامية و الجمعيات المدنية ، للحد من هذا الفكر الرجعي المتحجر الذي مازال ينخر الجسم الاجتماعي .

Exit mobile version