الجريدة العربية – الرباط
شهدت جهة سوس ماسة تساقطات مطرية هامة ستنعكس إيجابًا على القطاع الزراعي والموارد المائية، وفق ما أكده لحسن جابي، رئيس مصلحة تنمية سلاسل الإنتاج الفلاحي بالمديرية الجهوية للفلاحة. وأوضح أن معدل هذه التساقطات يتراوح بين 81 و200 ملم، مسجلًا زيادة ملحوظة مقارنة بالموسم السابق، وهو ما يعد بشرى سارة للفلاحين الذين عانوا من نقص الأمطار في بداية الموسم.
هذه الأمطار الوفيرة لم تقتصر فوائدها على الزراعات فحسب، بل ساهمت بشكل كبير في تعزيز احتياطات السدود بالجهة، حيث تجاوزت كمياتها المخزنة 10 ملايين متر مكعب، ما سيساهم في دعم الفرشة المائية وتوفير إمدادات ضرورية لري المحاصيل. كما أن لها دورًا أساسيًا في التخفيف من آثار الجفاف الذي أثر على المنطقة في السنوات الأخيرة، مما أحيى آمال الفلاحين بخصوص موسم زراعي ناجح رغم التقلبات التي شهدتها بداية السنة الفلاحية. إن ارتفاع مستوى مخزون المياه وعودة التوازن إلى الفرشة المائية سيعود بالنفع على المحاصيل الربيعية وأشجار الفاكهة التي تعتمد على إمدادات مائية منتظمة.
إلى جانب ذلك، شهد الغطاء النباتي في الجهة انتعاشًا واضحًا بفضل هذه التساقطات، حيث تحسنت المراعي التي تشكل موردًا أساسيًا للرعاة ومربي الماشية. ومن شأن هذا التحسن أن يضمن وفرة في الأعلاف الطبيعية، مما سيساهم في تخفيف الأعباء المالية على المربين وتقليل تكلفة تغذية المواشي، وهو ما يمثل انفراجة حقيقية للعاملين في هذا القطاع.
وبينما كان الفلاحون يعيشون على وقع القلق بسبب تأخر الأمطار، أعرب الكثير منهم عن ارتياحهم بعد هذه التساقطات التي جددت آمالهم بموسم زراعي جيد. رشيد أوبريك، أحد الفلاحين بجماعة سيدي بيبي (إقليم شتوكة آيت باها)، لم يخف سعادته بهذه الأمطار التي جاءت في الوقت المناسب لإنقاذ المحاصيل وتحسين ظروف تربية المواشي، مشيرًا إلى أن هذه الكميات من المياه تعد ضرورية للحفاظ على استمرارية النشاط الزراعي في المنطقة.
تعتبر سوس ماسة أحد الأقطاب الزراعية الكبرى في المغرب، حيث تساهم بنسبة 17.3% من الناتج الداخلي الخام الفلاحي، وتضم مساحة زراعية تفوق 451 ألف هكتار، منها أكثر من 106 آلاف هكتار مجهزة بأنظمة الري بالتنقيط. وقد شهدت الجهة تطورًا كبيرًا في القطاع الفلاحي بفضل مشاريع هيكلية أطلقها مخطط المغرب الأخضر، مثل مشروع إنقاذ مدار الكردان والبرنامج الوطني للاقتصاد في مياه الري، إضافة إلى تثمين وتسويق المنتجات المحلية، مما ساهم في تحسين مردودية الفلاحين ورفع تنافسية القطاع.
تعتمد الرؤية المستقبلية للقطاع الفلاحي في الجهة على تحقيق تنمية زراعية مستدامة ومتوازنة، من خلال ترشيد استهلاك الموارد المائية وتحقيق توازن بين الحاجيات الزراعية والإمكانات المائية المتاحة. كما يتم التركيز على تعزيز مكانة الزراعة العصرية في الأسواق الخارجية، عبر دعم سلاسل الإنتاج ذات القيمة المضافة العالية، مع الحرص على تطوير الفلاحة التقليدية وخلق فرص جديدة لتثمين المنتجات المحلية، مما يرسخ مكانة سوس ماسة كإحدى الجهات الرائدة في المجال الزراعي بالمغرب.